فيضان نهر النيل وخطر الإصابة بالبلهارسيا يكتبها الأستاذ الدكتور أحمد كمال دياب قسم الطفيليات الطبية كلية الطب جامعة أسيوط


للتوعية الصحية – ضمن مبادرة جامعة أسيوط لمكافحة الأمراض الطفيلية المقدمة: في حين أن مياه النيل المتدفقة إلى مصر تجلب الخير والثروة، فإنها تجلب أيضًا جميع القواقع المصابة بداء البلهارسيا المنسونية والبلهارسيا الدموية من على ضفاف النيل بإثيوبيا والسودان. لذلك، يجب منع أطفالنا من السباحة في هذه المياه أو الاقتراب منها. وعلى السكان الذين يستخدمون هذه المصادر المائية توخي الحذر الشديد والامتناع الآن عن زيارة ضفاف النهر وحتى تتضح حالة الإصابة بالقواقع. نعم، لقد قلتُ مرارًا وتكرارًا إنه من المستحيل القضاء على البلهارسيا في مصر ما لم يتم القضاء عليها في البلدان التي ينبع منها نيلنا المبارك يزيد خطر الإصابة بالبلهارسيا بسبب زيادة العوائل المائية للقواقع المضيفة للطفيل وانتشار العدوى في المناطق التي تفتقر لمياه آمنة وصرف صحي. الفيضانات تزيد من فرص ملامسة البشر للمياه الملوثة وتوفر بيئة مواتية لتكاثر القواقع وزيادة انتشار الطفيلي، خاصة في المناطق الريفية، وتشير الدراسات إلى وجود علاقة بين الفيضانات وزيادة حالات البلهارسيا الحاد نعم، هناك احتمال لزيادة خطر الإصابة بالبلهارسيا ( ـ Schistosomiasis) في حالة فيضان نهر النيل أو ارتفاع منسوب المياه بشكل كبير، خصوصًا في المناطق الريفية والأقرب إلى مجرى المياه. لكن الخطر ليس متساوٍ في كل الأماكن ويعتمد على عدة عوامل ## ما هي البلهارسيا وكيف تنتقل؟ * البلهارسيا مرض طفيلي تسببه ديدان من جنس **Schistosoma**، وبعض أنواعها تكون في المسالك البولية (بولية) وبعضها في الأمعاء (معوية). * دورة المرض تشمل مرحلة في المياه: الأشخاص المصابون يطرحون بيض الطفيليات في البول أو البراز. إذا وصل البيض إلى المياه العذبة، تفقس لتُنتج يرقات (سركاريا). * هذه اليرقات تدخل نوعًا من القواقع المائية (القُواقع الوسطية) ثم تخرج وتطفو في المياه. عند ملامسة الجلد، تخترق اليرقات الجلد وتدخل الجسم مسببة العدوى. * إذًا لكي يحدث انتقال، يجب توافر ثلاث عناصر: براز أو بول ملوث يدخل المياه، القواقع المضيفة في المياه، ووجود اتصال بين الإنسان والمياه. ## ما الذي يزيد الخطر أثناء الفيضان أو ارتفاع المياه؟ عند فيضان النهر أو غمر الأراضي: 1. **توسع المسطحات المائية:** تزداد المنطقة التي تغمرها المياه، وقد تشمل مناطق كانت جافة أو غير مستخدمة من قبل، مما يجعل أماكن جديدة قابلة لانتشار القواقع واحتضان اليرقات. 2. **اختلاط المياه بالبُراز أو البول:** في المناطق التي لا تتوفر بها مرافق صرف صحي جيدة، قد تُطرح الفضلات البشرية في أماكن قريبة أو تُغمر المراحيض أو تُغمر القنوات، مما يزيد التلوث البيئي. 3. **زيادة فرص التماس:** في أوقات الفيضان، الناس قد يُجبرون على السير أو العمل في المياه (لإصلاح، للإخلاء، للإنقاذ، أو للعبور)، فتزداد فرص ملامسة الجلد للمياه الملوثة. 4. **تغيرات في البيئة المائية:** ارتفاع المياه قد يزيد من الرطوبة، أو يغيّر التيارات، وقد تُشكَّل نقاط مائية راكدة أو بطيئة التيار تدعم بقاء القواقع. ## ملخص الوضع في مصر والوقائع * مصر على مدى عقود قامت بجهود كبيرة لمكافحة البلهارسيا، وحققت تقدماً كبيراً في تقليل انتشار المرض * رغم ذلك، أظهرت دراسة في دلتا النيل أن هناك ما يقارب **12.4٪** من بعض السكان الريفيين لديهم عدوى نشطة من البلهارسيا المعوية. * في فياضيات سابقة، أُجريت حملات فحوص لنهر النيل في بعض القرى في بني سويف، ورُصدت القواقع المسببة للمرض. * لكن يجب الانتباه إلى أن مجرد وجود المياه العالية لا يعني أن كل المياه ملوثة أو أن انتقال المرض سيحدث بالضرورة في كل مكان. --## هل الخطر كبير الآن؟ من المعطيات المتاحة: * الفيضان الحالي في بعض محافظات مصر يُثار كخطر ملموس لأن المياه ارتفعت وغرقت أراضٍ في “طرح النهر”. * لكن لا توجد – على المصادر المتاحة لي الآن – تقارير مؤكدة بأن حالات بلهارسيا بدأت بالارتفاع بشكل كبير بسبب هذا الفيضان تحديدًا. * المخاطر تكون أعلى في المناطق الريفية المحاذية للنهر أو القنوات، خصوصًا إذا كانت الصرف الصحي ضعيفاً ووجود تلوث محيط. -## توصيات لتقليل المخاطر إذا كنت أو أي شخص يعيش أو يتحرك في مناطق تكون عرضة لغمر المياه، فإليك بعض النصائح الوقائية: 1. **تجنب التلامس غير الضروري بالماء:** لا تسِب أو تغطّس في الأماكن التي قد تكون ملوثة، خصوصًا المياه الراكدة أو القنوات البطيئة التي قد تحتوي القواقع. 2. **استخدام الأحذية المائية أو الحذاء المقاوم في المناطق المغمورة** لتقليل ملامسة الجلد العاري. 3. **عدم استخدام مياه النهر مباشرة للشرب أو الغسيل** دون معالجتها أو غليها، إن أمكن. 4. **تحسين الصرف الصحي:** التأكد من أن المراحيض لا تُغمر بالماء أو تُسيل مباشرة إلى المياه النهرية. 5. **الكشف الدوري والعلاج:** إذا شعرت بأعراض مثل الحمى المستمرة، ألم في البطن، دم في البول أو البراز، استشر طبيباً وافحص نفسك للبلهارسيا. 6. **حملات مكافحة القواقع:** هي من أهم الإجراءات البيئية التي تقوم بها الجهات الصحية لمنع دورة الطفيليات . * بناءً على ما سبق، من المحتمل أن **بعض البؤر الناقلة ما زالت قائمة** في نهر النيل ومجاري المياه، خاصة في المناطق التي لم تُغطَّ بالكامل في برامج المكافحة * لذلك، في وقت فيضان أو ارتفاع منسوب المياه، فإن **فرص انتشار أو إعادة ظهور العدوى في المناطق التي كانت نظيفة أو منخفضة الإصابة** قد تكون أقوى مما هي في الظروف العادية.