تأملات بقلم:أحمد أمين عمار


أهل الكهف. ( ٦ ).
المقامات
كان اليهود والنصارى يبنون مقامات على قبور صالحيهم من أحبار اليهود مثل مقام أبو حصيرة بمصر بمحافظة البحيرة مركز أبو حمص ؛ ومثل مقامات القديسين النصارى مثل دير الأنبا سمعان ؛ ودير الأنبا مقار وغيرهما من الأديرة والمقامات المنتشرة بمصر والشام وسائر البلدان ٠
وحينما عثروا على أصحاب الكهف تنازعوا بينهم أمرهم ؛ فقوم قالوا ابنوا عليهم بنيانا أي مقاما ليكون مزارا للتبرك بهم لما علموا أن هؤلاء الفتية كانوا من المؤمنين الأوائل بالمسيحية وفروا بدينهم من الاضطهاد ؛ ولذلك اعتبروهم من أولياء الله الصالحين( أي القديسين حسب ديانتهم ) ؛ ولكن الذين غلبوا على أمرهم وهم الحكام الجدد للبلاد والذين كانوا مؤمنين بعد زوال عهد الاضطهاد واتخاذ الإمبراطورية الرومانية للمسيحية دينا رسميا لها ؛ فقد قرر الحكام أن يتخذوا على هؤلاء الأولياء مسجدا ( والمقصود بالمسجد هنا هو دار العبادة لله حسب دينهم فقد قال سبحانه فى سورة الجن :
" وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " والمساجد هنا هى جميع دور العبادة لله فى الأديان السماوية الثلاثة ) ؛ وبناء المسجد عليهم لا يكون فوق قبورهم وإنما يكون مجاورا لها وتحاط مقاماتهم بسياج يسمى بالمقصورة (أي أن الذي داخلها مقصور عليها وليس يقع ضمن المسجد ) ٠
فمقامات الأولياء عند المسلمين مثلما كانت تفعل الأمم السابقة مع صالحيها تكريما لهم وإحياء لذكراهم ومزارا للتبرك بهم وذكر سيرهم والاقتداء بهم ؛ وقد قال ذلك أيضا فضيلة الشيخ " محمد متولى الشعراوي " رحمه الله ٠
وأخيرا لاننسي أن الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بنوا على مقام سيدنا "أبى بصير " رضى الله عنه مسجدا ولم يعارض رسول الله ذلك بل سكت عنه وسكوته تقرير لذلك كما يقول علماء السنة ؛ فليس فى الأمر أية بدعة بل هو سنة بتقرير الرسول ذلك ؛ وأقره الله تعالى فى سورة الكهف كما ذكرنا ؛ والله تعالى أعلم ٠
⇧