تأملات بقلم:أحمد أمين عمار


عودة إلى النسبية
قطار أينشتاين : هو قطار تخيله أينشتاين ذو أبعاد كبيرة جدا ليتمكن من شرح تجاربه الثورية لنظرية النسبية الخاصة ؛ فطول القطار٢٠٠٠٠٠ ( مائتي ألف كيلومتر ) وسرعته أيضا ٢٠٠٠٠٠ ( مائتي ألف كيلومتر فى الثانية الواحدة ) ؛ أي ثلثي سرعة الضوء التى تبلغ ٣٠٠٠٠٠ ( ثلاثمائة ألف كيلومتر فى الثانية
الواحدة ) ٠
فلو فرضنا لمبة حمراء فى أول القطار ؛ وأخرى خضراء فى آخره وسيتم إضاءة اللمبتان آليا فى آن واحد ؛ وهناك راكب فى أول القطار ( أ ) وراكب فى منتصفه ( ب ) وراكب فى آخره( ج ) ؛ ويوجد مراقب ( د ) يقف على رصيف المحطة التى يمر بها القطار بسرعته المذكورة ؛ فما الذي سيراه كل منهم ؟
أ _ سيري اللمبة الحمراء تضئ أولا ؛ وبعد فترة تضئ الخضراء ٠
ب _ سيري اللمبتان تضيئان معا فى آن واحد ٠
ج _ سيري الخضراء تضئ أولا وبعد فترة تضئ الحمراء ٠
د _ سيري الحمراء تضئ أولا ثم الخضراء ٠
وسيقسم كل منهم بأغلظ الأيمان أنه صادق ويقول الحق ؛ والحقيقة أنهم جميعا صادقون ويمكننا إثبات صدق كل منهم بالمعادلات الرياضية ولكن لا يتسع المجال لذلك الآن ٠
والنتيجة الحتمية لذلك هى أنه عند حدوث حادثين أو أمرين متزامنين فى آن واحد فإن المراقب لهما سيراهما مختلفين حسب سرعته بالنسبة لهما ؛ فقد يرى أحدهما قبل الآخر ؛ أو يرى الآخر قبله ؛ أو يراهما فى آن واحد متزامنين ٠
والخلاصة أنه : ليس يوجد حدث قبل أو بعد حدث فالأحداث كلها مخلوقة ونحن نمر بها تماما مثل المحطات التى يمر بها القطار ؛ فأنت تركب القطار وتمر بالمنيا ثم أسيوط ثم سوهاج ولكنك تستطيع العودة فتمر بسوهاج أولا ثم أسيوط ثم المنيا ؛ فالمحطات الزمنية موجودة ومخلوقة مثل المحطات المكانية ؛ والزمان والمكان متشابكان سويا وأسماهما أينشتاين ( الزمكان ) TIME. SPACE ٠
ومن النتائج الغريبة لذلك أنه من الممكن أن ترى الولد يولد قبل أبيه ؛ أو أنك تتخرج أولا من الجامعة ثم تولد بعد ذلك ؟
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كنت نبيا
وآدم بين الماء والطين ) ؛ ويقول لسيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري حين سار بجوار النبى صلى الله عليه وسلم فلم ير له ظلا فى الشمس فتعجب :
( أتعلم أول ما خلق الله ياجابر ؟ ) قال : ( الله ورسوله أعلم ) قال : ( نور نبيك ياجابر ) ؛ وغير ذلك كثير ؛والقرآن الكريم دائما يحدثنا عن أحداث القيامة بأسلوب الماضى وكأنها قد حدثت قديما ويخبرنا سبحانه بما حدث فيها وأحوالها لأنها قد حدثت فعلا ولايحجبنا عنها سوى الزمكان ولكنها موجودة لأنها أخر محطة يصل إليها قطار الزمان ٠
لا يوجد (قبل ) ولا ( بعد ) ؛ ولعلنا قد تيقنا الآن أن الساعة آتية لا ريب فيها ؛
(ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ) آل عمران
وصدق سبحانه إذ يقول : ( سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ) ٠
والله تعالى أعلى وأعلم ٠
⇧